كشفت دراسة أثرية حديثة في موقع "تشاتالهويوك" بجنوب تركيا، أحد أقدم المستوطنات الحضرية في التاريخ البشري، أن النساء ربما كنّ يتولين السلطة في تلك الحقبة، قبل أكثر من 9 آلاف عام، ما يعيد النظر في الفرضيات التقليدية حول قيادة الرجال للمجتمعات الأولى.
الدراسة، التي نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، استندت إلى تحليل الحمض النووي لنحو 400 هيكل عظمي تم استخراجها من الموقع، وأظهرت أن البنية العائلية كانت تدور حول الأم، إذ بقيت الفتيات في منازل أمهاتهن، بينما غادر الذكور عند الزواج، وهو ما يشير إلى نظام اجتماعي "أمومي".
الأمر اللافت أن النساء دُفنّ مع مقتنيات جنائزية أكثر بخمس مرات من تلك التي وُجدت مع الرجال، في مؤشر واضح على مكانتهن الاجتماعية العالية. ويعزز هذا الاكتشاف ما طالما فسره علماء الآثار من رمزية تماثيل النساء القوية في تشاتالهويوك، التي يبدو أنها لم تكن مجرد رموز دينية أو أسطورية، بل تمثل نساء حقيقيات كن في موقع القيادة.
وأشارت الدراسة إلى أن مجتمعات أمومية مماثلة وُجدت أيضاً في بريطانيا خلال العصر الحديدي، ما يفتح باب التساؤل حول مدى انتشار هذا النموذج الاجتماعي في فترات أقدم بكثير مما كان يُعتقد.
هذا التحوّل في النظرة إلى دور المرأة في المجتمعات الأولى لا يحمل فقط بُعداً تاريخياً، بل قد يلهم إعادة تقييم أوسع لدور النساء في الحضارة الإنسانية منذ نشأتها.
