ودّعت الساحة الثقافية التونسية والعربية فجر الاثنين 11 أوت 2025 أحد أبرز أعلام الفن والإبداع، بوفاة الفنان فاضل الجزيري عن عمر يناهز 77 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء في المسرح والسينما والموسيقى.
الراحل كان رمزًا للتجديد الفني، حيث اختتم مشواره بعرض مسرحيّ مؤثر بعنوان "جرانتي العزيزة"، قُدّم على ركح مسرح الحمامات ليلة الأحد 10 أوت، ليكون بمثابة الوداع الأخير لجمهوره الذي طالما احتفى بإبداعاته.
ولد فاضل الجزيري سنة 1948، واكتشف عشقه للمسرح في المعهد الصادقي بتونس العاصمة، قبل أن يواصل دراسته في لندن وباريس.
عند عودته إلى تونس، أطلق سنة 1971 "مهرجان المدينة"، ثم أسس مع ثلة من الشباب فرقة "مسرح الجنوب" بقفصة، فكان من رواد اللامركزية الثقافية.
شارك سنة 1976 في تأسيس "المسرح الجديد"، الذي قدّم من خلاله أعمالًا أصبحت علامات فارقة في تاريخ المسرح التونسي، مثل "العرس"، "التحقيق"، و"غسالة النوادر".
بعد مغادرته المسرح الجديد سنة 1990، واصل الجزيري تألقه كمخرج ومنتج سينمائي من خلال شركة "تونس للإنتاج"، ووقّع على أفلام بارزة من بينها "عرب" (1987)، "ثلاثون" (2007) و"خسوف" (2016).
وقد حصد فيلمه "عرب" التانيت البرونزي في أيام قرطاج السينمائية وعُرض في مهرجان كان سنة 1989.
في مجال العروض الموسيقية، أحدث الجزيري ثورة فنية من خلال أعماله التي أعادت الاعتبار للتراث الصوفي والشعبي، على غرار "النوبة" (1991) و"الحضرة" (1993) التي جابت مسارح العالم، إلى جانب عروض أخرى مثل "نجوم"، "زازا"، "بني بني"، و"حب زمن الحرب".
تُوّجت مسيرته الفنية بتحقيق حلمه الكبير سنة 2022، بافتتاح مركز للفنون في جزيرة جربة، مجسّدًا رؤيته حول دعم الإبداع من خارج المركزية الثقافية للعاصمة.
برحيله، يُطوى فصل من فصول الفن التونسي الأصيل، تاركًا وراءه رصيدًا من الأعمال الخالدة، وذكرى رجل آمن بالجمال والفكر والثقافة إلى آخر رمق.