في تطور استثنائي يعكس تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لضربة جوية معقدة نُفذت في 13 جوان، وسط تنسيق أميركي-إسرائيلي وصفه مراقبون بأنه نوعي ومفاجئ.
العملية، التي استخدمت فيها طائرات "بي-2" الشبحية الأميركية المنطلقة من قاعدة في ميزوري، امتدت على مدار 36 ساعة متواصلة، وتزامنت مع دور استخباراتي إسرائيلي تمثل بزرع ذخائر ذكية في محيط مواقع حساسة، وذلك استعدادًا مسبقًا لما بات يُعرف بـ"ساعة الصفر".
أبرز المواقع المستهدفة كانت منشأتي أصفهان وفوردو، حيث تتقاطع الأبعاد التقنية والعسكرية مع الرمزية السياسية للبرنامج النووي الإيراني. منشأة أصفهان تحديدًا تُعد مسؤولة عن تحويل اليورانيوم المخصب إلى معدن، وهي خطوة حاسمة في مسار تصنيع السلاح النووي، ويُعتقد أن تعطيلها يمثل صفعة نوعية لقدرة طهران على استكمال هذا التحول في الوقت الراهن. أما فوردو، فهي منشأة فائقة التحصين مدفونة بعمق 100 متر تحت الأرض وتحتوي آلاف أجهزة الطرد المركزي الحديثة من الجيل السادس، لكن تقارير الاستخبارات تؤكد أن قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 نجحت في إحداث شلل شبه كامل للمنشأة من خلال تدمير البنية التحتية الحيوية كالكهرباء والتهوية، ما يجعل استئناف العمل فيها شبه مستحيل في المدى القصير.
وبينما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن المنشآت "دُمرت بالكامل"، أقرت إيران بوقوع أضرار جسيمة دون الخوض في التفاصيل، في وقت لا تزال فيه الأقمار الاصطناعية الغربية تقدم صورًا جزئية يصعب من خلالها تأكيد مدى التعطيل الكامل، خصوصًا في منشآت تحت هذا العمق الأرضي.
اللافت أن إيران كانت تمتلك قبل الضربة ما يقارب 409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، وهي كمية تُعتبر قريبة جدًا من المستوى المطلوب لصنع قنبلة نووية، لكن الغموض يلف مصير هذه الكمية، إذ يُعتقد أنها إما دُفنت تحت الأنقاض أو تم نقلها قبل الغارات إلى موقع سري غير معلن.
الخبير العسكري العميد خليل الحلو يرى أن الضربة أحدثت انتكاسة استراتيجية حقيقية في مسار التسليح النووي الإيراني، لكنها لا تعني بالضرورة نهاية المشروع، موضحًا أن إيران تحتفظ بقدراتها البشرية والتقنية، وإذا قررت استئناف العمل بسرّية تامة، فبإمكانها إعادة بناء جزء كبير من البرنامج خلال عام أو أقل، خاصة في ظل غياب الرقابة الدولية بعد تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي هذا السياق، تبقى الضربة حدثًا مفصليًا في مسار الأزمة النووية، لكنها تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة غير المعلنة، حيث تتداخل الرسائل العسكرية مع الحسابات السياسية والاستراتيجية في واحدة من أخطر ملفات الأمن الإقليمي والدولي.