تنطلق في العديد من المدن العربية والعالمية عشرات المهرجانات الصيفية التي تحتفي بالموسيقى والفنون والعروض الترفيهية..
ولكن، هل تبقى هذه الفعاليات مجرد وسيلة للترفيه، أم أنها تحمل بين طياتها رسالة ثقافية أعمق تُسهم في بناء الوعي وتعزيز الهوية الثقافية؟
المهرجانات الصيفية من الناحية الظاهرية تبدو ترفيهية بحتة، فهي تجذب الجماهير من مختلف الفئات العمرية، وتُقام غالبًا في أماكن مفتوحة، وتُقدم عروضًا موسيقية، مسرحية، أو فنية تُبهج الحاضرين وتمنحهم فسحة من المتعة.
وتشير إحصاءات في بلدان مثل تونس والمغرب ومصر ولبنان إلى أن نسبة الحضور في مهرجانات الصيف تتجاوز أحيانًا 100 ألف زائر في الأسبوع الواحد، مما يدل على طابعها الشعبي والجماهيري.
لكن عند المتابعة أكثر، يتضح أن كثيرًا من هذه المهرجانات لا تكتفي بالترفيه فقط، بل تطرح برامج ثقافية متكاملة، فمثلاً، "مهرجان قرطاج الدولي" في تونس و"مهرجان أصيلة الثقافي" في المغرب و"مهرجان جرش" في الأردن، كلها تقدم عروضًا موسيقية عربية وعالمية، إلى جانب ندوات فكرية، وعروض .. هذا يدل على أن الجانب الثقافي حاضر بقوة، ولو أنه لا يحظى دائمًا بالترويج الكافي مقارنة بالبرامج الترفيهية.
الجانب الآخر المهم أن المهرجانات تُعدّ منصة للتبادل الثقافي والتواصل بين الفنانين المحليين والعالميين، كما تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي من خلال عروض فولكلورية وأغانٍ شعبية ورقصات تقليدية وترويج للباس التقليدي وثقافة المكان والتراث المادي واللا مادي..
مع ذلك، لا يمكن إنكار أن بعض المهرجانات باتت تجارية الطابع أكثر من كونها ثقافية، يُلاحظ أحيانًا تركيز كبير على التعاقد مع نجوم عالميين لجذب الجماهير، مما قد يُضعف الجانب الثقافي ويحوّل المناسبة إلى مجرد حفلة جماهيرية، وهو ما يُثير التساؤلات حول توازن الرسالة الثقافية والترفيهية.
في الختام، يمكن القول إن للمهرجانات الصيفية بُعدًا ثقافيًا حقيقيًا لا يمكن تجاهله، لكنها تحتاج إلى توجيه ودعم وتخطيط ثقافي واضح كي لا يطغى الجانب الترفيهي على محتواها الأعمق، فالنجاح الحقيقي لأي مهرجان لا يُقاس فقط بعدد الحاضرين، بل بما يتركه من أثر فكري وفني في الذاكرة الجماعية.