كشفت شبكة CBS News الأميركية، في تقرير بثته يوم الجمعة 3 أكتوبر 2025، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعطى أوامر مباشرة مطلع سبتمبر الماضي بشن هجوم بطائرات مسيّرة على سفينتين مدنيتين قبالة السواحل التونسية، كانتا تستعدان للإبحار ضمن "أسطول الصمود العالمي" في مهمة إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر.
ووفقًا لمصادر استخبارية أميركية نقلت عنها الشبكة، نفذت القوات الإسرائيلية الهجوم باستخدام طائرات مسيّرة أُطلقت من غواصة، واستهدفت سفينتي "فاميلي" (البرتغالية) و"ألما" (البريطانية)، عبر إلقاء عبوات حارقة عليهما يومي 8 و9 سبتمبر، بينما كانتا راسيتين قبالة ميناء سيدي بوسعيد التونسي.
وقد تسبب الهجوم في اندلاع حريق على متن السفينتين، مما أدى إلى تأخير انطلاق الأسطول الذي كان يضم مئات النشطاء من جنسيات مختلفة، ويهدف إلى إيصال مساعدات إنسانية إلى غزة وسط الحرب المتصاعدة هناك.
توقيت محسوب وأهداف واضحة
أفاد نشطاء من أسطول الصمود العالمي بأن المهاجمين "انتظروا عمدًا مغادرة الشخصيات البارزة"، في إشارة إلى النائبة البرتغالية ماريانا مورتاجوا التي كانت على متن سفينة "فاميلي" ليلة 7 سبتمبر، قبل أن يتم استهدافها بعد ساعات.
ويعد هذا الهجوم، بحسب الشبكة، أول دليل موثق على مسؤولية "إسرائيل" عن العمليات التي أعاقت تحرك الأسطول، قبل أن تقوم البحرية الإسرائيلية لاحقًا باعتراض السفن في عرض البحر واختطاف المئات من النشطاء على بعد أميال من شواطئ غزة.
روايات متضاربة من تونس
في البداية، نفت السلطات التونسية فرضية الهجوم الخارجي، مشيرة إلى أن التحقيقات الأولية رجّحت وقوع انفجار داخلي على متن إحدى السفن، وربطته بسوء استخدام أجهزة الإشارة. غير أن وزارة الداخلية التونسية عادت في 11 سبتمبر، بعد وقوع الهجوم الثاني، لتؤكد أن الاعتداء "مدبّر"، وأعلنت فتح تحقيق شامل دون توجيه اتهامات مباشرة لأي طرف.
"أسطول الصمود": هذا الهجوم لن يمر بصمت
من جانبه، أصدر "أسطول الصمود العالمي" بيانًا شديد اللهجة يوم الجمعة، أكد فيه أن "تأكيد تورط إسرائيل لن يفاجئنا"، وأضاف:
"سواء كان الهدف قتلنا أو إخافتنا أو تعطيل حركتنا، فقد تم تعريض المدنيين والمتطوعين الإنسانيين للخطر بتهور.. على العالم أن ينتبه: محاولات إسكاتنا أو ترهيبنا لن تنجح."
وطالب البيان بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل، ومحاسبة المسؤولين عن "العدوان" بالكامل.
خلفيات وسياقات
يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه قطاع غزة واحدة من أعنف موجات التصعيد العسكري منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، وسط تدهور إنساني حاد ونقص كبير في الإمدادات الطبية والغذائية.
ويعيد الهجوم إلى الأذهان حادثة أسطول الحرية (مافي مرمرة) عام 2010، التي أدت إلى أزمة دبلوماسية حادة بين تركيا و"إسرائيل"، وتسببت حينها في مقتل عشرة متضامنين على يد قوات الاحتلال.
حتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة الإسرائيلية على التقرير، كما لم تعلن السلطات التونسية نتائج نهائية لتحقيقاتها.