يشتد الوضع الإنساني تأزما في قطاع غزة بوتيرة مقلقة، في ظل حصار مشدد ونقص حاد في الغذاء والدواء، ما أدى إلى ارتفاع عدد وفيات الأطفال جراء سوء التغذية إلى 66 حالة حتى الآن، وفق ما أفادت به مصادر طبية فلسطينية نقلًا عن وكالة الأنباء الرسمية وفا. هذا الرقم الصادم يعكس مدى خطورة الأزمة التي يعيشها السكان المدنيون، وخصوصًا الفئات الأضعف كالأطفال، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
في تفاصيل الصورة القاتمة، تشير الإحصاءات إلى أن 112 طفلًا يوميًا يُنقلون إلى المستشفيات في غزة لتلقي العلاج من آثار الجوع وسوء التغذية. إلا أن الواقع الصحي في القطاع لا يبشر بأي أمل، حيث لا تعمل سوى 17 مستشفى بشكل جزئي من أصل 36 منشأة طبية، بينما لا توجد أي مستشفيات تعمل في المناطق الأكثر تضررًا مثل شمال غزة ورفح، ما يعني حرمان مئات الآلاف من السكان من أبسط مقومات الرعاية الطبية الطارئة.
الأزمة الصحية تتزامن مع كارثة بشرية أوسع، إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن حصيلة القتلى جراء الهجمات الإسرائيلية منذ بدء الحرب وصلت إلى 56,300 شخص، بينما تجاوز عدد المصابين 132,600، يشكّل النساء والأطفال نحو 72 بالمئة منهم، وهو ما يعكس حجم الاستهداف للمدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات ومراكز الإغاثة.
انهيار النظام الصحي في غزة لم يعد أزمة طبية فحسب، بل تحول إلى كارثة إنسانية بكل المقاييس، مع انعدام الوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتوقف سلاسل الإمداد الغذائي والدوائي بشكل شبه كامل. الأطفال هم أول من يدفع الثمن، حيث بات الجوع وسوء التغذية يهددان حياتهم في ظل غياب الغذاء الكافي والحليب والمكملات الغذائية الأساسية. ولا يملك القطاع الصحي المتآكل الوسائل اللازمة لرعاية هؤلاء الأطفال أو إنقاذ من هم في حالات حرجة.
هذه الأرقام والمعلومات تسلط الضوء على حجم المعاناة التي يعيشها المدنيون في غزة، في وقت لا تزال فيه الجهود الدولية لرفع الحصار أو إدخال المساعدات تواجه عوائق سياسية وأمنية معقدة. إن استمرار هذا الواقع يعني المزيد من الوفيات، ليس فقط بسبب القصف، بل بسبب الجوع والمرض ونقص الرعاية. ويضع هذا الوضع المأساوي المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية ملحّة لاتخاذ خطوات فعلية وجريئة لوقف الكارثة، وفرض وصول المساعدات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، قبل أن تحصد المجاعة أرواحًا جديدة كل يوم.