تعيش تونس وضعًا طاقيا مقلقًا، بحسب ما كشفت عنه نشرة الظرفية الطاقية للمرصد الوطني للطاقة والمناجم لشهر جوان 2025، حيث انخفض معدل الاستقلال الطاقي من 44% سنة 2024 إلى 38% في 2025، ما يعكس تفاقم التبعية للخارج في مجال حيوي وحساس.
ورغم ارتفاع إنتاج الكهرباء المحلي، إلا أن البلاد ما تزال تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي المستورد، وهو ما يعرضها لمخاطر اقتصادية وجيوسياسية في ظل تقلبات السوق العالمية.
وفي المقابل، تحسن عجز الميزان التجاري الطاقي بنسبة 7%، لينخفض من 5,577 مليون دينار إلى 5,188 مليون دينار حتى نهاية جوان 2025، لكن هذا التحسن لا يعود إلى تطور داخلي في الإنتاج أو السياسات، بل إلى تراجع سعر برميل النفط عالميا من 84 إلى 72 دولارًا، وتحسن سعر صرف الدينار التونسي أمام الدولار بـ2%.
وتعاني البلاد من انخفاض حاد في الإنتاج الوطني للطاقة الأولية بنسبة 8% خلال النصف الأول من السنة، نتيجة لتراجع إنتاج النفط الخام بنسبة 9% والغاز الطبيعي بنسبة 5%.
في المقابل، ارتفع الطلب بنسبة 6%، خصوصًا على الغاز (10%) والمنتجات البترولية (1%).
هذا الخلل بين العرض والطلب زاد من اعتماد تونس على الاستيراد، في وقت تراجعت فيه صادرات الطاقة بنسبة 38% من حيث القيمة، مقابل انخفاض أقل في الواردات بنسبة 15%.
وفي جانب آخر من الأزمة، تواصل تونس الاعتماد على الجزائر لتلبية جزء من حاجياتها من الكهرباء، رغم تراجع الواردات بنسبة 19%. إلا أن هذه الكميات ما تزال تغطي حوالي 10% من احتياجات السوق الوطنية، ما يعكس هشاشة أمنها الطاقي.
وسط هذه المؤشرات السلبية، يبرز الأمل في تطوير الطاقات المتجددة. واعتُبر تشغيل محطة "توزر 2" للطاقة الشمسية في جوان 2022 خطوة مشجعة في هذا الاتجاه.
ولتجاوز هذا المنعطف، يرى الخبراء أن الحل يكمن في تسريع الانتقال الطاقي، بالاستثمار الجدي في الطاقة الشمسية وتسهيل المشاريع الخاصة، ما من شأنه تقليص التبعية وتحقيق سيادة طاقية حقيقية.